Monday, November 14, 2011

الحرب المنسية: حول فيلم أسطورة الريف who is deforming Moroccan history ?

الحرب المنسية: حول فيلم أسطورة الريف

الحرب المنسية: حول فيلم أسطورة الريف

شاهدت البارحة عن طريق الصدفة الشريط الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة القطرية حول حرب الريف وبطلها عبد الكريم الخطابي. ما أثار اهتمامي بشكل خاص هي الصور الغير معروفة حول حروب الريف (الأولى والثانية) التي تظهر لأول مرة في هذا الفيلم الوثائقي.

إن أهم المعارك والأحداث التاريخية لمنطقة جبال الريف (بما فيها قبائل جبالة التي تعد مكونا أساسيا للمنطقة تاريخيا وجغرافيا)، غيبت بشكل مقصود في المغرب وخارجه من الناحية السينمائية حيث ما زال الأرشيف في طي الكتمان، نظرا لبعض الأسرار التي يتضمنها والتي تشكل صك اتهام للعديد من القوى والمؤسسات. ويمكن القول أن المغاربة بما فيهم الطبقة المثقفة، لا يعرفون إلا الشيء القليل عن أحداث الريف. مثلا الكل يعرف معركة أنوال الشهيرة ، لكن من سمع بمعارك “البيبان” في “بني زروال” (أبواب الريف التي تطلبت من الجنيرال Colombat أكثر من أربع محاولات دون أن يفلح في اقتحامها مخلفا عشرات القتلى والجرحى في صفوفه: في المعركة الرابعة لوحدها فقد 102 من الجنود وسبعة ضباط و300 من الجرحى.).

من سمع بمعارك “أوبران” وسيدي ابراهيم و”ايكريبن” وجبل العروي وعين مديونة و “آسكر”، وتطوان، والشاون؟

وكلها ملاحم قل مثيلها في تاريخ حركات التحرر على المستوى العالمي. من يعرف أن “ليوطي” النبيه والذكي فقد صوابه حين أعلن عبد الكريم أنه سوف يحتفل بعيد الفطر في فاس، بعد شهر رمضان في صيف 1925 وبدأ الماريشال يطلب النجدة ويطالب بإلحاح أن يتم تزويده بقذيفة رقم 20 السامة (الشبيهة ب”النابالم”) للشروع في قصف الريف قبل فوات الأوان.

من يعرف أن الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت Paul Painlevé جاء بنفسه مع مدير ديوانه ومسؤولين في الطيران الحربي إلى “عين عيشة” لتدارس الموقف بعد أن تسبب Lyautey في أزمة حكومية في فرنسا نتيجة خوفه من عبد الكريم؟

من يعرف تداعيات حرب الريف على اسبانيا حيث كان لهذه الحرب امتداد داخل اسبانيا خلال الحرب الأهلية الجمهورية الإسبانية جاءت كما هو معروف كرد فعل ضد ديكتاتورية Primo de Rivera الذي استولى على السلطة بعد هزيمة أنوال متهما السياسيين وقادة الجيش بالفساد والرشوة؟

الجمهورية جاءت كرفض للاستبداد وفرانكو انقلب عليها من ثكنته بمليلية…حرب الريف وجدت امتدادا غير مباشر لها في الحرب الأهلية الإسبانية التي اندلعت سنة 1936 واستمرت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية مخلفة أكثر من مليون قتيل…

لا شك أن حرب الريف تنتظر مخرجا من العيار الثقيل لسبر مغاويرها وإبراز ما خفي منها عن الجمهور لأسباب سياسية. ان فيلم “أسطورة الريف” لمخرجه محمد بلحاج الذي سبق أن اشتغل بقناة دوزيم ثم أبو ظبي والجزيرة، محاولة مهمة لتسليط بعض الأضواء على حرب الريف وزعيمها من خلال إظهار بعض صور الأرشيف الغير معروفة كمقام عبد الكريم في منفاه مع أسرته، وصور الضحايا في حرب الريف الثانية التي تكاد تكون مغيبة من الكتابات السياسية والتاريخية (أحداث 1958 )، وصور المعارك البطولية بالقرب من الحسيمة، وشهادات بعض المسنين الذين عايشوا تلك الأحداث التي كانوا يطلقون عليها “سنوات الفرار” (ويقصدون نزوح الأسبان باتجاه مليلية). هناك صور مؤثرة حقا لعبد الكريم في منفاه وهو يداعب إحدى بناته، ولا نتصور أن هذا الرجل الذي قاوم أعتا الجنرالات في ذلك الوقت بما فيهم Pétain “بطلVerdun الذي جاء خصيصا إلى المغرب لمحاربة عبد الكريم، لا نتصور أن هذا الرجل بعد كل تلك المعارك بقي يحتفظ في قلبه بما يكفي من الأحاسيس النبيلة لأسرته وكل من طرق بابه كما قالت إحدى بناته في شهادتها.

لقد استعمل المخرج تقنية بسيطة تعتمد مزج صور الأرشيف بشهادات بعض الباحثين كصديقي الأستاذ علي الإدريسي الذي أكد بشكل خاص على ظاهرة إقصاء عبد الكريم وحرب الريف من الذاكرة الجماعية، وشهادة عمر لمعلم رئيس جمعية ذاكرة الريف، وشهادات بعض الصحفيين والباحثين الأسبان الذين بينوا الأهمية الخاصة التي يحتلها عبد الكريم في الوعي الجماعي الاسباني (عند اليسار واليمين لأسباب متعارضة) وأهميته كرجل دولة بالمعنى الحديث لأنه استطاع أن يخلق كيانا قويا يتجاوز الإطار القبلي الذي كان ينتمي إليه. ونتعرف من خلال هذا الفيلم الوثائقي على بعض الشخصيات التي عايشت عبد الكريم عن قرب في منفاه مثل الهاشمي الطاوط الذي كلفه عبد الكريم بتعبئة القبائل الريفية في السنوات التي سبقت الاستقلال، وله في هذا الصدد اتهامات واضحة لبعض القوى السياسية التي أجهضت ذلك المشروع مع المآسي التي ستعرفها المنطقة خلال حرب الريف الثانية التي لا نكاد نعرف عنها شيئا والتي آن الأوان لإزاحة الستار عنها.

مع ذلك هناك ملاحظات فنية حول الفيلم الذي استعمل فيه المخرج أسلوبا دراميا يركز على الجانب الملحمي( جانب الفانتازيا)، مع إضافة لقطات تم تصويرها لمحاكاة الواقع الريفي تفتقد في كثير من الأحيان مصداقيتها و موسيقى تصويرية مبتذلة لا تتناسب مع جدية الأحداث وصانعيها. لكن صور الأرشيف لها من الوقع ما ينسي هذه الهفوات.

للإ شارة هناك مؤلف غني بالمعلومات عن حرب الريف سبق أن تحدثت عنه في مدونتي باللغة الفرنسية وأعطي عنوانه تعميما للفائدة:

Vincent Courcelle-Labrousse et Nicolas Marmié
La guerre du Rif. Maroc (1921-1926)- Editions Tallandier (Points). 2008