Saturday, August 27, 2011

نقد الأفلام السينمائية المغربية والعالمية من طرف نورالدين كشطي



نور الدين كشطي ومجلة 'سينما' المغربية: في صحبة الافلام وصناعها
قراءة في مدونة ناقد سينمائي
حسن وهبي
2011-08-26

نور الدين كشطي ومجلة 'سينما' المغربية: في صحبة الافلام وصناعها
قراءة في مدونة ناقد سينمائي
حسن وهبي
2011-08-26


يعتبر الناقد السينمائي المرحوم نور الدين كشطي من مؤسسي جمعية نقاد السينما بالمغرب وأحد مؤسسي مجلة 'سينما' الصادرة عن هذه الجمعية.
وهو كذلك من المساهمين في اعدادها العشرة من العدد الاول سنة 2004 الى العدد العاشر سنة 2008. كتب فيها المرحوم بحب كبير حيث اقترح علينا نور الدين كشطي ثلاث نماذج في تناوله للسينما بين دفتي اعداد المجلة المذكورة وهي كالتالي: اولا: كيف تقرأ فيلما سينمائيا؟ ثانيا: كيف تحاور شخصية سينمائية؟ ثالثا: كيف تقوم بتغطية مهرجان سينمائي؟
يشرع الناقد المرحوم نور الدين كشطي سيفه النقدي للسينما العالمية والمغربية مما يدفعك لوضع حد فاصل بين المنتوج السينمائي والنقد السينمائي لينجح الحوار أو التحليل. ترى كيف ساهم الناقد السينمائي في تفعيل النقاش داخل ندوة حول موضوع سينمائي معين؟ كيف يتميز بذكاء الاستماع للمناقشة في اللحظة نفسها والدفع بهذا النقاش الى التعمق في الندوة السينمائية؟
تلك هي تجربة الناقد مع مجلة 'سينما' وهنا سنتناول تحليله للأفلام الطويلة 'الاسكندر المقدوني' و'طرفاية' و'الراكد' و'الاسلام ياسلام' والافلام القصيرة لمحمد مفتكر 'رقصة الجنين' و'ظل الموت'. ويتناول بالنقاش والتغطية كل من مهرجان مراكش الدولي للفيلم ومهرجان طنجة للفيلم القصير في دورته الثالثة. وكان نور الدين كشطي على موعد دقيق ومعمق وهو يحاور الممثلة منى فتو والمخرجة ياسمين قصاري وحوار الحسين بوديح صاحب قاعات سينمائية. وعلى المستوى الدولي حاور بذكاء المخرج اليوناني روبير منتوليس. بالإضافة الى مساهمته في ندوة الفيلم المغربي من القصير الى الطويل.

فيلم 'الاسكندر': انه ليس فقط قصة بطل

إقترح علينا الناقد نور الدين كشطي فيلما دوليا للتناول والنقاش في العدد الثالث من مجلة 'سينما ' الصادر في شتاء 2005 تحت عنوان 'إعادة خلق الواقع فيلم الاسكندر' لأوليفر ستون وباللغة الفرنسية لينطلق بداية بالتعريف بالمخرج من أجل كشف نوعية الكتابة السينمائية لهذا الفنان ويوضح موقفه من بلاده واهتماماته بالقضايا المعاصرة ويعرض موقف النقاد بوصفه مخرجا ذكيا. يسوقنا الناقد تدريجيا إلى فضاء الفيلم الذي عرضه مهرجان مراكش الدولي للفيلم في دورته الرابعة علما ان تصوير جزء كبير من هذا الفيلم قد تم بالمغرب.
يؤكد الناقد أن أوليفر ستون قد أعطى تعريفا آخر للإنسان انطلاقا مما تعيشه الولايات المتحدة الأمريكية من أزمة. متسائلا بخصوص المقارنة بين الإسكندر وجورج بوش من حيث القوة العسكرية والسياسية لينبهنا نور الدين الى أن المخرج يريد ابراز الحقيقة الإبداعية والإنسانية. ويذكرنا بالنقد الموجه لهذا المخرج بخصوص الغموض الجنسي لبطله في الفيلم ويختم الناقد المرحوم على أن الفيلم ليس فقط قصة بطل بل هو ابداع فني لواقع تاريخي. إنه خلق لحلم انساني. وفي المجال الفني يشير الناقد الى الاخراج الصادق والكاميرا الحية والمشاهد الغنية (الام المدرسة .....) والوسائل المستعملة والاشتغال على الصورة حيث نوع من التطابق بين لواقع والفيلم. وخلص الناقد الى ان الرواية التاريخية في السينما ليست بالسهولة بمكان كتمثيل ايديولوجي لكنها بالرغم من ذلك افراز اجتماعي.

فيلم 'الراكد': صورة يقودها احساس بصري واقعي

تتجمع انفاس الناقد من القراءة الاولى ليرتب اوراقه عائدا الى المنتوج الوطني ليتناوله بروح نقدية مذكرا في البداية بأهمية الجيل الجديد الذي برز في مهرجان طنجة والقادم من الخارج ليتناول مواضيع جديدة اكثر ارتباطا بالواقع كما يشير الناقد نور الدين. طارحا السؤال عن كيفية تقويم الانتاج السينماتوغرافي. وحول الطاقم الاجنبي في الفيلم المغربي لكنه يدعو في نهاية مقدمته ان هذه الافلام تدعونا الى الانتباه الى التيمة والكتابة السينمائية حيث جمالية الطبيعة من التصوير بدوار (قرية) ينطق جمالا في فيلم 'الراكد' الاضافة الى انخراط الديكور والمناظر في الحكاية بكل دقة حتى تساهم في الجودة الدرامية للفيلم.
ويشير الناقد كذلك الى ان الكتابة تكشف نظام حياة الاشياء وعنف شخصيات الفيلم. ان الممثلين غير مهنيين باستثناء رشيدة وحليمة في الشريط. وقد تم اختيار هؤلاء لضرورة الواقع. بينما ينساب الحوار مع توالي الصور في احترام تام لواقع القرية حيث استعمال اللهجة المحلية. وتساءل الناقد في الاخير: هل الفيلم امل ام فقدان للأمل؟ فضاء مفتوح ام مغلق؟ ان الفيلم صورة يقودها احساس بصري واقعي.
فيلم 'باب البحر': ان ثبات النص يسمح بمشاهدة الجمال والفضاءات والديكورات والشخصيات
'باب البحر' فتح شهية الناقد ليسافر في اتجاه المساءلة السينمائية العامة والى التنظير احيانا حيث السؤال عن وضعيات السينما العالمية ونوعية الجمهور والنسق السينمائي ليعود الى تجربة المخرج داود اولاد السيد التي سمحت له بالجولة في تلك الابعاد.
بدأ قراءة الفيلم بالقول حول امكانية رفض او اهمال تحفة فنية سينمائية فقط لأنها تعتمد على المبادئ وعلى جمالية اللقطات والمشاهد. واللقطات الثابتة او على عمق الصورة. او الشخصيات التي تتطور في فضاءات شاسعة ومفتوحة. يشير نور الدين ان المخرج اولاد السيد ومن خلال تجاربه الثلاث. ينطلق من الحس الشكلي مستعينا بستانلي كوبريك انه ليس هناك تكوين سيئ او فاشل بل مخرج فاشل.
لم يخرج نور الدين كشطي في قراءته للفيلم عن الايحاءات والافكار العامة وكأنه يتفلسف ويبدع في كتاباته حول هذا الفيلم والذي يبدو وكانه عشقه حيث السرد الخطي والابطال الايجابيين كخاصية للمخرج حسب نور الدين كشطي. وهي وضعية خاصة لداود مع جمهوره لكونه لا يستطيع تفكيك رموز الافلام. مما يجعل السؤال يطرح من جديد: هل يمكن ان نكون نخبويين ام لا؟ وهو السؤال الذي ويدفعنا الى البحث. والمخرج في نظر كشطي يتواصل مع العين بتلك الصورة التي تنقل الواقع وتلك اللقطات التي تتحول الى مشاهد. انه العمق اذن.
وما اجمل ان يتحدث عن خروج مريم من المدينة وجسدها يتدحرج بين الحب والمعاناة والوعي. نكتشف مع ممثلتنا وفي المشهد الاخير ان معرفتها للرجل محدودة. ان ثبات النص يضيف نور الدين كشطي يسمح بمشاهدة الجمال والفضاءات والديكورات والشخصيات.

'الاسلام يا سلام' او كيف تكتب بحب عن فيلم ومخرج

بدأ قراءته بمقدمة جميلة والتي تنم عن الوعي بتاريخ السينما المغربية من طرف نور الدين كشطي. والانتباه كذلك الى تفاصيلها وتجارب مخرجيها الرواد منهم والجدد والى كمها وابدعها. وكيف قدم هؤلاء نظرتهم للواقع؟ في هذا السياق تناول فيلم 'الاسلام يا سلام' للمخرج سعد الشرايبي مشيرا إلى البعد الانساني في المخرج والذي يخلق سيناريوهاته بنفسه. ترى كيف يتمتع الاخر بمعاناته وعزلته وعادته كذلك؟ وردت القراءة في العدد العاشر والاخير من مجلة 'سين ما'.

'ظل الموت' و'رقصة الجنين'

في مهرجان طنجة للفيلم القصير ينقلنا الناقد نور الدين كشطي مرغما الى تجارب راقية أثارت الإنتباه بقوة في هذا المهرجان منها فيلم 'رقصة الجنين' وفيلم 'ظل الموت' للمخرج محمد مفتكر. ويشير الناقد الى ان الفيلم الأول يعتمد التطور العادي للنص بالإضافة الى حضور العنصر الدرامي ونفسية الابطال والتطور المنطقي لحكاية الفيلم. اما الفيلم الثاني وهو نادر طبعا له بنية حكاية خاصة. يشتغل على الاسلوب والشريط البصري كعنصر اساسي في السينما. في سينما محمد مفتكر اختيار للمادة المحكية ولأدوات اللغة السينمائية البصرية حتى يتلاءم الموضوع بالشكل. فضاء فارغ ممتلئ بالصمت والقلق والوحدة حيث حضور الشخصيات لذاتها وكل واحدة امام مصيرها. عمر يعاني من الخيانة الزوجية. البطلة ورقصة الجنين والطفل خارج اطار الزواج. علمهم خارج الزمن وشخصيات مثقلة بأفكارها إذ لا تمييز بين الواقع واللاواقع . هكذا ـ يضيف الناقد- يجد عمر حله في الانتحار في 'ظل الموت'. وأمل عيوش زوجته في 'رقصة الجنين' تنطلق في الحلم خالقة عالما غرائبيا . ويضيف الناقد أننا أمام نص مليء بالمعاني والدلالات والتقطيع. الحوار شبه غائب تعوضه الصُورة والكادر والضَوء والموسيقى التي تغطي العالم المصَور. هكذا تمكن المخرج محمد مفتكر من سرقة النَاقد إلى عالمه الفني الجميل حيث يطغى الشَكل على الموضوع لكن وفي نفس الوقت يطرح السَؤال الأساسي: ما رأي النَاقد السَينمائي تجاه الفيلم المغربي القصير؟