Monday, December 17, 2007

Rabie El Jawhari,a new birth of a talented film-maker in Morocco



Rabie El Jawhari and Allal El Alaoui

ربيع الجوهري Rabie El Jawhari

By Allal El Alaoui

Any actor or actress and even technician would tell you about Rabie"s great love and devotion to movies .He is called Rabie El Jawhari, a brilliant first assistant -director and now becomes a confirmed film-director who has just finished his first film documentary on humain rights in Morocoo.This film documentary is supposed to be premiered at Bahnini theatre in Rabat on the 27-12-2007 .I suppose that Humain Watch , IFEX and local Humain right associations would come to see Rabie's first project that deal with the unconditioned ways of life that Moroccan prisoners used to live in Tendouf in Moroccan Sahara.It is a really a must see film documentary especially for cinemagoers and Morocccans in general, because we do not have habits to see images of the torture of our prisoners from local Tv and now Rabie has given us this fantastic gift to know this horror and thriller conditions .

The Idea of filming sufferances and pains of Moroccans who really undergo severe punishments from Algerian secret services and also from agents of the so called Polisario, comes from his student mate who used to tell him terrifying stories of hi s father captured by Polisario in Sahara tents when they were still students at Mohammed The fivth University in Rabat .

As a sensitive film-maker , Rabie was deeply touched by these stories of pure hatred and sado-mazochisism. Therefore,Rabie makes further researches about tortures by contacting a writer called Abdellh lamani .This latter has given him rights to adapt some stories from his book -The Horror - and of course those images would chill and shake you to the highest degree of disgust.

Rabie has worked with so many national and international film-directors as a first assistant -director naming for example Mohammed Asli and Maurizio Zaccaro .He speaks four languages ,Arabic,French, English and Italian and has a marvellous cinematic and technical background that eventually help him to make beautiful images in his film documentary.El Jawhari resumes and rewrites academical works on cinema and co-writes by Abdellah Zerwali ( see below ). Rabie also gives technical and artistic training courses on film-making namely the branch assitant -directors.In fact ,when Rabie is on the stage, he directs his actors with intensive care, a good know -how and a magnificent experience that he has had with his colleagues.
By Allal El Alaoui




Rabie as an actor


Rabie as an assistant-director

تلحيص لمحاضرة الإستاذ:
عبد الله الزروالي
تلخيص: ربيع الجوهري

يعرف الكل أن فن التصوير بدأ قديما إذ وجدت صور على الصخور و على جدران الكهوف تعبر عن حياة المجتمعات القديمة، بل يعتقد العديد من علماء التاريخ و الأنتروبولوجيا و الآثار أن الإنسان قديما كان يرسم من أجل التواصل و من أجل ممارسة طقوسه الدينية، و كذلك من أجل التعبير عن أحاسيسه و تصوراته الذهنية... و مع تقدم العلم، أصبح الإنسان قادرا على إلتقاط صور بواسطة آلة للتصوير، ثم استطاع بعد ذلك أن يحرك هذه الصور، و ينطقها، بل و أصبحت صناعة و وسيلة لنقل اللغة السينمائية للجمهور الواسع في كل أنحاء العالم... فكيف إذن http://www.blogger.com/img/gl.bold.gifتصنع هذه الصورة في السينما؟

لقد انتبه العلماء المخبريون إلى دور الضوء و تأثيراته على الكائنات، و توصلوا إلى معرفة نظام عين الإنسان و كيف تشاهد الموجودات، و ذلك بعد أن تنعكس نسبة من أشعة الضوء الضوء عليها، على غرار هذه الملاحظة، توصل هؤلاء العلماء إلى اختراع ما يسمى بالغرفة السوداء (الكاميرا) لمحاكاة العين، إذ توجد فتحة صغيرة بتلك الغرفة تسمح بدخول الضوء إليها بعد تسليطه على الجسم المصور، ثم انعكاسه لتثبت بهذه الطريقة الصورة على شريط السيلولويد الموجود بداخل الغرفة السوداء، و بهذه الطريقة نحصل على الصورة الكامنة التي تمر بمراحل عدة في المختبر لتكشف نفسها في النهاية كصورة تحاكي تماما الجسم المصور، لكن كيف يطبع الضوء صورة الأجسام ؟

إن الصورة كما يعلم العديد من طلاب الفيزياء، هي مجموعة من النقط المتجانسة التي تتحد مع بعضها لإعطاء شكل الصورة كما تظهر للعين المجردة، و لا يمكن الحصول على هذا الشكل النهائي إلا بتواجد عنصرين أساسيين هما الضوء و الظل اللذان يطبعان على شريط من البلاستيك أو البوليستير الشفاف مغطى بطبقة من السيلولويد الذي وضعت فوقه طبقة من الجيلاتين و أخرى من بروميد الفضة، و بعد معالجة هذا الشريط في المختبر، وتحريكه بسرعة 24 صورة Fotograma في الثانية (قياس السرعة هذه يلائم الحد الذي تبقى فيه الصورة محفوظة في العين)، نحصل على صورة متحركة، ولكن هذا لا يمكننا إلا من رؤية عالم بالأبيض و الأسود فقط، إذ كانت مرحلة الإكتشاف هذه هي مرحلة عرض الأفلام الكلاسيكية بالأبيض و الأسود و التي كانت في مرحلتها الأولى صامتة... ثم أضيف إلى شريط السيلولويد مسلك خاص بالصوت، و أصبحت بذلك السينما متحركة و ناطقة في نفس الوقت... ثم فكر العلماء في كيفية تصوير العالم الملون، و كان تحديا آخرا ساعد على نجاحه اكتشاف "مجال الرؤية" و الذي يتحدد بين مستوى الأشعة فوق البنفسجية و مستوى الأشعة الحمراء، إذ أن العين لا تبصر الأشعة خارج هذا المجال ، و يمكن توضيح الأمر بالترسيمة التالية:

أشعة فوق البنفسجي ، الأزرق، الأخضر، الأصفر، البرتقالي، الأحمر أشعة تحت
البنفسجية 1 2 3 4 5 6 الحمراء



مجال غير مرئي مجال يسمح بالرؤية مجال غير مرئي


إن اكتشاف الألوان داخل حيز الرؤية و هي ستة (البنفسجي، الأزرق، الأخضر، الأصفر، البرتقالي، الأحمر) دفعت بالعلماء إلى محاكاة هذا المجال و تطبيقه على تقنية التصوير، و كانت النتيجة رائعة، إذ تعرفوا من بين هذه الألوان الستة على الألوان الأساسية و الألوان التكميلية، فحاولوا إضافة مادة كيميائية حساسة الألوان إلى شريط السيلولويد، إذ أضيفت إليه طبقة حساسة للون الأزرق، و أخرى حساسة للون الأحمر، و بهذا استطاع الشريط ذات المكونات الحساسة للضوء أن تلتقط الصورة و تطبعها على بلورات الفضة، وهكذا استطاع هؤلاء العلماء من الحصول على صورة متحركة و ناطقة و كذلك ملونة...

بهذه الطريقة أصبح بالإمكان تصوير مشاهد و تمكين ملايين الناس من رؤيتها، و الإستمتاع بها... و بما أن إطار العدسة محدود لا يصور إلا عالما محدودا، أحس السينمائيون الرواد بضرورة استبدال مكان الكاميرا عدة مرات أثناء تصوير المشهد الواحد، و من هنا ظهرت فكرة المونتاج، و ذلك لتقديم المشهد من عدة زوايا و بلقطات مختلفة لتسهيل عملية المشاهدة على المتفرج، و هنا كذلك استطاعت الكاميرا أن تقدم صورة متحركة بوجهات نظر مختلفة عكس خشبة المسرح التي تقدم صورة ذات إطار واحد...

و هذا لا ينقص بطبيعة الحال من المسرح هالته و أهميته وسط الفنون الأخرى، إذ لكل فن خصائصه و مميزاته...

ثم لا ننسى دور و أهمية ................... Objectives في التقاط الصور إذ ساعد على تواجد خيارات عدة على مستوى أبعاد الصورة و عمقها و إطارها، و هذا ما أضفى على الصورة حيوية أخاذة تذهل المشاهد...

لم يقف البحث العلمي فيما يخص تطوير إمكانيات الصورة عند هذا الحد، بل يكثر الحديث حاليا حول إمكانية التخلي عن التقاط الصور بواسطة شريط السيلولويد، و تعويضه بنظام C.C.D Charged Couple Device و هو نظام رقمي يعتمد على جهاز حساس للضوء يمكنه إلتقاط الصورة، ثم تحويلها إلى جهاز التسجيل الذي يحولها بدوره إلى جهاز الفيديو أو المونتير... لكن هذا النظام لم يصل بعد إلى جودة شريط السيلولويد، و يعود ذلك إلى كون النظام الرقمي هذا لا يوفر القدر الكافي من عناصر الصورة الصغيرة Pixels (Picture Elements) ، كما تسمح بذلك بلورات الفضة المتبثة على شريط السيلولويد... و رغم ذلك فإن العديد من المخبريين يؤكدون أن البحث العلمي في هذا المجال سيكون قادرا على تطوير النظام الرقمي ليصبح بنفس جودة شريط السيلولويد، بل ربما سيفوق جودته...

كما لا يجب أن ننسى مسألة مهمة في صناعة الصورة ألا و هي ضرورة الاشتغال بالإنارة، و ضرورة المعرفة العلمية بنظام الضوء، فإذا كان النظام الرقمي يزود جهاز C.C.D بحساسية للألوان المنيرة أو العاكسة للألوان، فإن شريط السيلولويد كذلك به مكونات حساسة للألوان كما سبق و أن رأينا... و هنا سوف لن نتعمق كمخبريين في هذا الأمر لكن سوف نتطرق لما هو ضروري بالنسبة للمصور السينمائي و للمخرج الذي عادة ما يستغل نظام الألوان و الضوء من أجل إيصال فكرة تخدم تيمته في فيلمه، كفصل مشاهد الفلاش باك مثلا عن بقية مشاهد الفيلم بإضافة اللون الأصفر لها(لأنه يشبه الصور الفوتوغرافية القديمة)، أو أي لون آخر حسب اختياره، وللقيام بهذه العملية وجب معرفة أساس نظام الألوان الذي ينقسم عموما إلى قسمين، نظام يسمى بالتركيب الجمعي Synthèse Additive و نظام ثاني يسمى بالتركيب الطرحيSynthèse Soustractive يعتمد النظام الأول على قاعدة جمع الألوان التي توضح عموما كالتالي:

فيلتر
كاشف ضوئي أحمر





فيلتر
كاشف ضوئي أخضر يعطي هذا المزج
اللون الأبيض




فيلتر
كاشف ضوئي أزرق





و النظام الثاني يعتمد على فهم كيفية إزالة لون أو أكثر من مجموع الألوان للحصول على اللون المطلوب، فمثلا إذا وضعنا فيلترا بلون "سيان" Cyan ، فسوف يسمح بمزج و دخول اللونين الأخضر و الأزرق للغرفة السوداء و طرح (إزالته أو عكسه) اللون الأحمر، و إذا وضعنا فيلتر "الماجينتا" Magenta مثلا فسيسمح لنا بإدخال الأزرق و الأحمر و طرح الأخضر، و هكذا... و لتسهيل الحصول على اللون المطلوب، إما عبر الجمع أو الطرح نستعمل الترسيمة التالية:



و المتغيرات التي تتحكم في لون معين هي ثلاثة : الضوء(كمية انعكاسه)، واللون، و نسبة الإشباع (كمية اللون الأبيض الموجودة في لون من الألوان)... و بدون هذه العناصر لا يمكن رؤية لون من الألوان، ولهذا أعطي اهتمام كبير للإنارة أثناء عملية التصوير، إذ تلعب الإنارة دورا أساسيا في جودة الصورة السينمائية... فعلى المكلف بالإنارة أن يعمل إلى جانب المصور أو مدير التصوير ليجدا عدد و نوع الكاشفات الضوئية، و المكان المناسب لوضع كل كاشف على حدا، فمثلا إذا قمنا بتصوير لقطة كبيرة لوجه ممثل علينا تفادي وضع كاشف واحد مقابلا لوجه الممثل، لأن هذا الوضع يعطينا صورة ذات مستوى واحد، لكن إذا و ضعنا كاشفا على يمين الوجه، وآخر على يساره، ثم أضفنا الثالث مقابلا للوجه يمكن الحصول على صورة تحتفظ على الأبعاد الثلاثة للوجه بطريقة جمالية... و لا يجب أن يعرف من هذا أن هناك طريقة وحيدة لتصوير اللقطة الكبيرة، بل لكل طريقته الجمالية و اختياره حسب الذوق الشخصي، غير أن هناك قواعد يجب أن تحترم في عملية استعمال الإنارة...




Mohammed Asli




بقلم ربيع الجوهري



شكل الشريط السينمائي "في الدار البيضاء الملائكة لا تحلق" لمخرجه محمد العسلي نبرة جديدة داخل الأعمال السينمائية المغربية, إذ جمع بين جدية التيمات التي عالجها و دقة التقنية التي ساهمت إلى حد كبير في توضيح وتقديم تلك التيمات تقديما جميلا و رائعا...

لقد تطرق المخرج محمد العسلي إلى مواضيع شائكة و كشف الحجب عنها, كموضوع الفقر, والأمية, والهجرة بنوعيها الداخلية و الخارجية وذلك بطريقة متجانسة و مترابطة داخل نسق مبني و مدروس... فإذا تأملنا موضوع "الفقر" مثلا, نجده يعتمد أساسا على ازدواجية متباينة تحيلنا إلى تنافر و صراع بين حياة الدار البيضاء و حياة المناطق غير الحضرية, ففي الدار البيضاء هناك البحث عن الغنى المتمثل في شخصية صاحب المطعم الذي يرغب في الغنى السريع, و في البادية هناك البحث عن مستوى عيش بسيط وهذا ما تعكسه شخصية سعيد الذي لا يسعى إلا لإنقاذ زوجته و أبنائه من بين أنياب الفقر الحادة... الدار البيضاء هي رمز كذلك للتعليم, فالكل يمكنهم قراءة الرسائل بما فيهم زبائن المطعم و بائع الجرائد, أما البادية الأمازيغية فلا تعكس إلا الأمية الواسعة الانتشار, اللهم إذا كان إمام المسجد, الوحيد الذي يمكنه التمتع بنعمة القراءة و الكتابة و التي تعطيه هالة داخل بنية اجتماعية يسودها الفقر ثم الأمية... إن حالة الفقر هذه هي السبب وراء هجرة كل رجال المنطقة و شبانها بحثا عن حياة أفضل وعن وسيلة لإنقاذ دويهم, لكن أن يجد هؤلاء المهاجرين ضالتهم زادو في الطين بلة, و تخبطوا في مشاكل أكثر تعقيدا... فعوض أن ينقد سعيد أسرته, فقد الحب, و البساطة بمفهومها الإيجابي, وشعر في النهاية بحزن عميق يبعث على الشفقة, كيف لا وقد حرم نفسه من حب قد يكون هو ذاته الواقع الجميل الذي أجهضته الحقيقة المرة المعاشة بالدارالبيضاء...

لم يعالج محمد العسلي موضوع الهجرة الداخلية فحسب, بل أدخل موضوع الهجرة الخارجية بكل دكاء و حرفية و فنية و ذلك عندما أصاب خلل محرك الحافلة... فأثناء فترة إصلاح العطب, انتقل بعدسته إلى داخل الحافلة حيث يوجد وسط الركاب مهاجر مغربي بالخارج, و ليبعث لنا برسالة عبر إحساس المهاجر المفكك و المرتبك و اليائس وليختزل لنا تجربته المريرة في ثوان محدودة تعرفنا فيها على آلام المهاجر المتعب و المرهق نفسيا و جسديا و المحطم الأحلام و المصطدم بالواقع القاسي...

لقد طردت هذه الحقائق المريرة الملائكة و منعتها من التحليق في سماء الدارالبيضاء ... إنها صورة إبداعية جميلة تجعل من الملائكة رمزا للرحمة والإيمان الغائبين وسط زحمة المدينة و سرعتها و أحلامها الكاذبة التي عشناها مع شخصية إسماعيل الذي اختزل كل آماله و أحلامه في رغبة جامحة لشراء حذاء بمبلغ 1200 درهما, إذ ربما كان المبلغ أكثر من قنيته الشهرية... لكنه يسعى وراء السراب, وحتى و إن استطاع أن يحقق المعجزة "شراء الحذاء" فإنه لن يستطع تحقيق متعته و فرحته به... إنه الحلم الكاذب ثم المجهوض... إنه حلم يحتكره فقط الأغنياء و أرباب المصالح و ليس من حق أي كان إستعارته و لو مرة في العمر... كيف تحلق إذن الملائكة و غموض المصير يسود و إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان يسيطر, كيف يحدث ذلك وقد أصبح النواذل الثلاث "الأبطال الثلاث" مستغلين من طرف صاحب المطعم, ومرهقين بسبب طول ساعات العمل و حاصلين على رواتب متدنية لا تكفي لتحقيق الضروريات من العيش, بل و الأمر من ذلك عدم الإستمتاع بحق العيش الحر, فهم يستغلون حتى في أيام عطلهم كمثال إسماعيل الذي ما إن صدق انه في يوم عطلة, وأنه سيتمتع بحذائه الجديد, حتى أرسل إليه صاحب المطعم لإنجاز خدمة عاجلة, و كمثال سعيد الذي لم يتركه صاحب المطعم لزيارة زوجته عائشة أثناء ولادتها... إنه بكل بساطة الضياع, و فقدان الغالي والنفيس, إذ كانت النتيجة فقدان الزوجة والحبيبة و ربة البيت في نفس الوقت, و للمرأة هنا رمز قوي, فالغياب عنها هو غياب عن الحنان و الحب و الخصوبة, أو بمعنى أكثر دلالة هو غياب عن الأرض... ثم فقد عثمان حصانه رمز النخوة و الوطنية و الجمال الأصيل وسط صخب المدنية المتوحشة... و هنا عندما نذكر المدنية فإننا لا نعني الحضارة لأن "المدنية" تحمل في طياتها عقلية براغماتية قد تصل حد التوحش, لكن الحضارة توحي لنا بتقدم بناء غالبا ما يكون لصالح الناس لأنه لا يسعى إلى تدميرهم بقدر ما يسعى إلى خدمتهم...

طردت مدينة الدارالبيضاء الملائكة من سمائها لأنها تبنت النزعة الميكيافيلية و سمحت لها بإفساد قلوب الناس, و قد انعكست هذه النزعة المنافقة في سلوك صاحب المطعم الذي يبدو الرياء على ملامحه وهو يعطي سكنا لعماله ثم وهو يتظاهر بمساعدتهم, و كل ذلك لإقناعهم بالمثابرة الزائدة على حدها, و الواقع أن كل هذه السلوكات هي فقط تتظافر مع بعضها لتشكل قناعا يخفي وراءه الجشع و حب المال, و بناء السعادة الشخصية على حطام الآخرين...

أما إذا تطرقنا إلى تيمة "الحب" في الشريط, فإننا سنكتشف توضيفا لعلاقة الرجل بالمرأة داخل المجتمع المغربي المحافظ, و خصوصا التقليدي منه, فعوض أن يستغل جسد المرأة العاري و يوظف القبل و العناق الرومانسي, تعامل المخرج مع الموضوع بواقعية كبيرة... لقد عرض علاقة سعيد مع زوجته عائشة بطريقة عفوية كما يحصل الأمر في معظم البوادي بالمغرب, لكن هذا العرض لم يسقط أبدا في البساطة بل أوصل للمشاهد إحساسا عميقا و متبادلا و صادقا... حب يود الزوجان أن يكون سريا بينهما رغم أنه حلال عليهما, و هذا هو واقع الإنسان البدوي الخجول و المحتشم, و هنا ظهرت براعة في الإبداع إذ رغم ابتعاد الشريط عن العلاقة العاطفية المتعارف عليها في الأعمال السينمائية التجارية و التي تعتمد على الإثارة الجنسية في طريقة استغلال جسد المرأة و طريقة اختيار الملابس الكاشفة, غير أنه أدى المعنى بكل قوة فكانت الإثارة و المتعة نابعة من صدق الموقف...

استنادا إلى ما سبق من تناول لبعض التيمات المهمة داخل الشريط, و على ضوء طريقة استعراضها, يمكن القول إن هذا العمل يتقاطع مع المدرسة الواقعية بشكل كبير...فكل الأحداث و المواقف و الأماكن و الأزمنة والشخصيات عرضت بعيدا عن الفانتازيا أو الإنطباعات الشخصية الضاربة في السريالية, بل على العكس من كسر الشريط النظرة المثالية لأن ما يحرك الناس على أرض الواقع هي الضروف الصعبة و ليست الأفكار المثالية... لقد عالج سيناريو الشريط مواضيع أدق من المواضيع البطولية أو الرومانسية أو الكلاسيكية... فكل الشخصيات تتعرض لمراحل متنوعة انطلاقا من مرحلة "البراءة" إلى مرحلة "التجربة", وبين نقطة البداية و نقطة النهاية يعيش المتفرج بل و يسافر مع الأحداث بتقلباتها ومنعطفاتها و يتأثر بتأثر نفسية الشخصيات, و تشد أنفاسه كلما تورطت إحدى الشخصيات و تأزم وضعها, و هذا بطبيعة الحال ما يجعل المتفرج يثق بأحداث الشريط بل ويرى محاكاة حقيقية للواقع المعيش, وخصوصا عندما يعيش مع أبطال الفيلم عمق إحساسهم الداخلي و تأثرهم بالأزمة الاقتصادية (السبب الرئيسي وراء ظاهرة الهجرة) و الاجتماعية (غياب المرافق الضرورية كالتطبيب و التعليم و الشغل)... إن هذه الميول الواقعية و بهذه الطريقة أدى إلى الجمع بين الفرجة و تعرية المعاناة المعيشة في واقع معين...

لكن الشريط لا يلتزم حرفيا بالمدرسة الواقعية و هذا ما أضفى جمالية خاصة ميزت قيلم "في الدار البيضاء,الملائكة لا تحلق", إذ كان هناك حضورا لجانب الرمزية كذلك, فتشبت المخرج بالوطن الذي ينتمي إليه أدى به إلى عرض جوانب رمزية ذات دلالات تراثية و ثقافية... فمثلا فكرة الفرس و ارتباطه "بالتباوردة" رسمت صورة جميلة جدا جمعت بين روعة الحركة و الصورة و الموسيقى و آداء الممثلين و المونتاج, و كل هذا من أجل إيصال فكرة أصالة و جمال و فنية و قريحة الإنسان المغربي... ثم كان للباس دورا رمزيا كبيرا و بالأخص عندما ننتبه للحضور الطاغي للجلباب المغربي و اللباس التقليدي سواء النسائي منه أو الرجالي... التشبث باللباس هو تشبت بالتقاليد الإيجابية و بالهوية و الإنتماء المعنوي و المادي...

يجب الحديث كذلك عن عنصر رمزي آخر مهم داخل الشريط ألا وهو عنصر "اللغة المزدوجة", و في اختيار ازدواجية اللغة هدف رمزي يدل على التنوع الثقافي داخل البنية الاجتماعية المغربية التي تحافظ على لغة الجذور ألا وهي "الأمازيغية", و تتشبث في نفس الوقت بلغة القرآن ألا وهي اللغة العربية, و قد انعكس هذا الرمز في المشاهد الأولى من الشريط حيث تسمع اللغة الأمازيغية عندما تتداول بين سكان المنطقة في حياتهم اليومية, و اللغة العربية التي تلقن في المسجد كوسيلة لتعليم القرآن الكريم... إذن في المغرب تتعايش كل الأنواع بسلم و تجانس حضاري جميل... لم يكن هذا هو التنوع الوحيد الذي رمز إليه الشريط, فهناك التنوع المناخي كذلك الذي يزخر به المغرب, فرغم أن المغرب يعرف مناخات متعددة جافة, و رطبة, و حارة, و باردة إلخ, غير أنه لم نلاحظ في أعمال سينمائية سابقة توظيفا لهذه الإمكانيات الطبيعية التي من شأنها أن تحقق جمالا و إبداعا تصويريا... فكلما انتقلت عدسة الكاميرا إلى مدينة الدار البيضاء كلما شاهدنا جوا مشمسا و معتدلا, و كلما انتقلت إلى المنطقة الأمازيغية كلما شاهدنا جمال الطبيعة الخصبة بجبالها و تلالها.. و الأجمل من ذلك هو استعراض المنطقة بثلجها الأبيض الذي يزيد من روعة لقطات العدسة, وقد كان هذا الاستعراض للثلج الأول من نوعه داخل الأعمال السينمائية المغربية...

بقي أن نتطرق إلى الرمز على مستوى التسمية,إذ وظفت تقنية "التلاعب بالأسماءPun ", تقنية فعلا تدخل الأذن و تبعث على التأمل ثم على نشوة فرجوية تبعث من معايشة المتفرج لأحاسيس حزينة و خائبة لشخصية سميت بسعيد, و المقصود بسعيد هو عكسه أي" تعيس" ثم معايشة المتفرج لحياة قصيرة لإمرأة سميت بعائشة التي لم تعش طويلا...

أما إذا تحدثنا على مستوى التقنية, فإننا نلاحظ حرفية في طريقة جمع اللقطات من أجل تشكيل مشاهد مثيرة و أخاذة... و قد تجاوز الشريط اللقطات المجانية التي قد تبعث على الملل أو قد تكسر التسلسل المنطقي على مستوى الصورة أو على مستوى الأحداث... فمثلا مشهد جموح الحصان وسط صخب المدينة حقق جمالية كبيرة كان سببها التنوع في اللقطات التي صورت بحرفية و فنية... ثم أدى الجمع بين المشهد و الموسيقى المؤثرة و جمالية الحركة إلى فرجة سينمائية حقيقية... و بنفس الطريقة حقق مشهد انحراف السائق بسيارة أجرته عن الطريق المعبدة و اصطدامه بالثلج مشهدا أخاذا... ولا ننسى لقطات عبور النادل إسماعيل إحدى شوارع الدارالبيضاء المليئة بازدحام السيارات برشاقة زادتها الموسيقى المؤثرة جمالية و فنية... و ما زاد من نجاح المشاهد هي طريقة الأداء التمثيلي الذي اقترب كثيرا من أداء "قسطنطين ستانسلافسكي" المسرحي, وهو الأداء الوحيد المناسب لشريط تقاطع كثيرا مع المدرسة الواقعية...



و أخيرا وجب الحديث عن التقنية الأدبية المتبعة في كتابة سيناريو الفيلم, وهي تقنية اعتمدت التسلسل المنطقي و العقلاني للأحداث لتضفي واقعية معينة على العمل... لم تكن تلك الأحداث تتخذ منحا تراجيديا محضا إذ كانت تتكسر بين اللحظة و الأخرى بمشاهد ترفيهية ضمنت بطريقة لا تؤثر على طبيعة الشريط و خطه التراجيدي... فكما تحس بصمت الجمهور داخل القاعة و هو متأثر بالأحداث الحزينة, تسمع في لحظات أخرى قهقهات الجمهور أثناء مشاهدته للقطات كوميدية ترفيهية...